BiG StaR مدير عام المنتدى
عدد الرسائل : 502 العمر : 30 Localisation : من شله دراكولا التقييم : 0 نقاط : 12462 تاريخ التسجيل : 18/06/2007
| موضوع: الصيام و تطوير الذات..................... رؤية أخرى......... الأحد 16 سبتمبر 2007, 06:55 | |
|
بإسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن الله سبحانه و تعالى يحب المؤمنين -إن شاء الله نكون منهم- و لا شك أن ما فرضه عليهم من عبادات و طاعات فيه فوائد جمة و مصالح عظيمة لدنياهم و أخراهم , و هذا ما أثبته و لا زال يثبته العلم .
لا أود الحديث عن الصيام و الثواب الذي نحصل عليه و الأجر العظيم و دخول الجنة من باب الريان و كسب رضى ربنا و مختلف الفوائد العظيمة ذات العلاقة بالحياة الأخرى , و هذه الأمور تغنينا عن التطرق لما سواها , و لا أريد أيضا التحدث عن الفوائد الصحية للصيام إذ أن فوائده الصحية لا تحصى و لا تعد , و لكن أحببت أن أتطرق إلى علاقة الصيام بتطوير الذات و عموما بالنفس .
كما تعلمون إخوتي أخواتي , لقد أمرنا الله بترك طعامنا و شرابنا و علاقتنا الجنسية -بالنسبة للمتزوجين- من آذان الفجر إلى آذان المغرب , و قبل الفجر نتناول السحور جميعا , و بعد المغرب نجلس على مائدة الإفطار لنهنأ محتمعين بفرحة إتمام يوم من الشهر العظيم . و هذا البرنامج اليومي يعلمنا الكثير , إذ يدربنا على إحترام الوقت و التقيد به , فلا طعام بعد آذان الفجر إلا بعد آذان المغرب ,و المخالف قصدا لا صوم له , بل عليه صيام شهرين متتابعين , أما المخالف خطأ و سهوا فلا شيء عليه , لكن بدون شك أنه يشعر بشيء من الحسرة فيشعر و كأنه حصل على علامات ناقصة في إمتحانه اليومي , و قد يخالجه شعور بالزهو إن إستحضر أن الله سبحانه و تعالى قد سقاه , و كأنها هدية من السماء .
في اليوم الأول تستيقظ صباحا , قد تتوجه إلى الثلاجة راغبا في إحتساء كأس عصير لذيذ , لكن ما أن تمسك بالكأس ممنيا نفسك , فإذ بك تتذكر أنه رمضان , يا ربي ! معركة بين نفسك الأمارة بالسوء و نفسك اللوامة , فتتخلى عن الكأس موئدا -من الوأد- في داخلك تلك الرغبة الجامحة , منتصرا بنفسك المطمئنة على لهفتك و أمنياتك .
في بيتك , و أنت مستلق على سريرك المخملي , تتسلط عليك فكرة جميلة بألونها الوردية , إنها زوجتك الجميلة , تتناسل الأفكار في دماغك مذكرة إياك بيوم رومنسي عاطفي دافئ , تتوقد في دواخلك رغبات ملونة جميلة , لكنه نهار رمضان ! توقظك نفسك اللوامة من أحلامك التي في غير محلها ,تصيح مذكرة إياك بأنه شهر عبادة و خشوع و ركوع و خضوع , فتنتفض من فراشك , تتوضأ و تصلي ركعات , تأخذ مصحفا تتلو ما تيسر لك منه .
أمام مائدة الإفطار , الأطباق اللذيذة و المشروبات الألذ , و عصافير بطنك المزقزقة و كأنها في مظاهرة ضد الجوع , لعاب فمك يسيل , تنظر للأطباق نظرة إعجاب رهيب , سبحان الله , أحببتها من أول نظرة ! لكن , مالذي يمنعك من المغريات و هي أمامك , لا حاجز و لا مانع يحول دونك و دونها ! لا , إنه رمضان , إنه الصيام , و سمعك ليس هنا , إنه مع المؤذن ! ينتظر الإذن بالإنطلاق و عيناك ترمق الساعة و انت تتذمر من بطء عقاربها .
أذن المؤذن , الله أكبر , و كأن يديك تحررتا , تقفز على الرطب أو التمرات , تتبعها بماء أو حليب , يكفي هذا ! لماذا ؟؟؟!!! إنها صلاة المغرب بالإنتظار , و تترك الطاولة و لما تملأ بطنك من خيراتها , متوجها نحو المسجد خاضعا لله سبحانه و تعالى , و منكسا رغباتك و شهواتك مرتقيا إلى أسمى الدرجات .
هذه المواقف إخوتي تتكرر مع الكثير من الناس -و لعلي من بينهم- , و المتأمل فيها يجد أن للصيام فوائد عظيمة , فإمتناعنا عن الأكل و الشرب و غيرها في أوقات محددة يعلمنا و يربي أنفسنا على الإلتزام و الصرامة , و إنتصارنا على شهواتنا يكسبنا جرعات كبيرة من القوة الداخلية و الثقة في أنفسنا و قدراتنا , نرى الأكل أمامنا و لا نقربه , نتعلم الصبر , نتعلم التحكم في أنفسنا و مشاعرنا , نقاوم رغبتنا الملحة في الحصول على لذة , فيسهل علينا مقاومة أمور أخرى , مقاومة الرغبة في الحصول على المال الحرام مثلا , مقاومة أخذ شيء ليس لنا , إنتظارنا وقت الإفطار يعلمنا عدم التعجل و التسرع , تنضج الفواكه في وقتها , إكتفاؤنا ببضع تميرات و إنصرافنا للمسجد يعلمنا إحترام الأولويات , و تنظيم حياتنا .
نتسحر جماعة , و نصوم جماعة , و نفطر جماعة , و نصلي كذلك , إنها روح الجماعة تنمو فينا , الشعور بالإنتماء يتوقد فينا و يغمرنا سعادة و يرفع معنوياتنا , نتعاون على إعداد الفطار و لو بوضع الأطباق على المائدة , إننا أمة متكافلة , إننا مجمتع مسلم , إننا.... إننا.... إننا.... تنتكس فينا ال"أنا" و ترتفع و تنتصب ال"نحن" .
رمضان إخوتي ندخله لنأخذ الثواب و نفوز بالجنة , و نشفى من أمراض الجسد و الروح , نتعلم التعاون و نتعلم الصبر و الإلتزام و الإحترام و التنظيم , نرتفع عن شهواتنا و ننبذها .
إن رمضان حقا , كدورة تدريبية عظيمة , روحية , نفسية , و صحية , تجعل منا أمة قادرة على إجتياز المصاعب و المصائب و المحن , تجعل منا أفراد أحرارا يعول عليهم , لا أفرادا عبيدا حسبهم إرضاء شهواتهم و إشباع غرائزهم , رمضان إخوتي يجب أن يكون نقطة تغيير نخرج منه أشخاصا مختلفين , أشخاصا مرتفعين منتصبين , يحملون لواء الدين , و يزرعون الدنيا خيرا و برا و إيمانا و يقين .
و الحمد لله رب العالمين
بقلم أخوكم في الله ياسين الكزباري [/size] | |
|